للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كامن في نفسهِ كمون الكهرباء في الأجساد , فهو خليق بالرحمة والغفران , لأنهُ كالأفعى ليس لديها الأسمها. ولقد يُزكى الانتقام , إذا كان لذنب لا ينال المذنب عليهِ عقاب سوى الأخذ بالثأر. على أن الانتقام في مثل هذه الحال جدير بأن لا يكون ذنباً يقع آتية تحت طائلة العقاب وإلا يكون المنتقم قد ألقى بنفسه في التهلكة وأصابه الشر مرتين. وأشرف أنواع الانتقام ما كان على مرأى من الناس ومسمع. فليس الغرض من الانتقام أن ترد الإساءَة إلى من أساء إليك , إنما الغرض أن يتوب المسيء عن الإساءة , ويعلم أن هذه بتلك والبادئ أظلم. وقد ينتقم الجبان لنفسه تحت طي الخفاء , فيكون كالسهم أرسلته القوس تحت جنح الظلام. وقد يعفو الناس عن المسيء إن كان عدواً لدوداً , ولكنهم لا يلتمسون للصديق عذراً , إذا نقض عهداً , أو خان وداً. ومن الناس من يفتأ يذكر الثأر والانتقام , فيبقى جرح نفسه غير ملتئم أمدً فيقضي عمره بين الهم والكدر. ولو أنه نسي ما فات لالتأمت جراحه. وقد يقوم المنتقم للانتقام وهو آمن شر العاقبة , لأن الله يعضده والناس , وذلك المأخوذ بثأره كبيراً بين قومه , قد غدره أعداؤه وأوقعوا بهِ ظلماً. فقد هبّ أغسطس قيصر للانتقام ممن أراقوا دم يوليوس قيصر , فعضده

أهل رومه وأخذوا بيده وحكموه فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>