رأت الهوة الفاغرة فاها تحاول أن تبتلعها , وفوقها سماء وتحتها فضاء فأيقنت بالهلاك. . ظلت معلقة في الفضاء حتى ضعفت قواها , وكلت يداها , فهوت إلى الحضيض , فتهشمت أعضاؤها , وذهبت ضحية غواية الجمال. . كانت سعيدة بحياتها هنيئة بما حولها فماتت أشنع ميتة , وذهبت طعاماً للوحوش. فوا أسفي على شبابها الزائل! أما الغصن الذي كان سبباً في هلاكها فعاد إلى ما كان عليه قبلاً , وقد يورد غيرها مورد الهلاك. . . تلك هي حال المرأة الساقطة. تولد الفتاة طاهرة عفيفة , وتشبّ ساذجة وديعة , ترى الحياة لذيذة وتبني لنفسها قصوراً من الآمال , حتى يعترض هناءها رجل تحسبه نجم حياتها وقبلة رجائها , فتركن إليه وهو يخادعها حتى إذا ما نال بغية منها تخلي عنها , فترى هول سقطتها , فتضيق بها الدنيا على رحبها فتتمسك به مستغيثة بالعدل وما من سميع , وبناصر الضعفاء وما من مجيب , إلى أن يستولي عليها اليأس فتسقط في وادي الشقاء مستنجدة بالإنسانية فلا تجد إلاَّ وحوشاً يأنون إليها منتهزين فرصة ضعفها القضاء
الأخير على كل وسيلة لها إلى العيش إلى أن تصير عالة على الإنسانية. . أما الرجل الذي كان سبباً في وقوع هذا البلاء فيتجاوزون عن هفوته ولا يناله شيء من الضرّ كأنه لم يأتِ أمراً فرياً , ويظل رائعاً في بحبوحة الصفو والهناء , وقد يوقع غيرها في شرك خداعه. ولا يتحمل عاقبة تلك الجنايات سوى الفتيات الضعيفات. إني إذا بكيت حزناً على شباب الأولى فإني هنا أصيح نادباً تلك