القبيل أن يرى أن مصيبة الفتاة بسقوطها هائلة تودي بنفسها إلى الهلاك فتصير طريدة شريدة تتحمل أنواع البؤس والشقاء , فضلاً عن أنها تصير سمّاً زعافاً يسري في عروق الهيئة الاجتماعية. أما الرجل فإنه كما ذكرنا لا يناله شيء من الضر مع أنهُ جانٍ على المرأة والمجتمع الإنساني في وقت معاً. ليست الحالة تتوقف على خداع شاب لفتاة بل هنالك قطيع من سفلة الأغنياء يساعدهم على تحقيق أمانيهم قومٌ هم وتجار الرقيق سواء. . . أن الفضيلة تتعذَّب لضياع العفاف , والإنسانية تتألم لأن الكمال يفر مدبراً أمام جيوش
الفساد التي تزداد انتشاراً. فيا ليت السماء تمطر صواعقها على هؤلاء الناس الذين يقوّضون دعائم الفضيلة ويهدمون أركان العمران والرقي الأدبي. ولكن مضى زمن الصواعق والمعجزات. فيا أصحاب الشرائع ويا أيها الحكماء تعالوا واندبوا هذا العصر الذي يدعونهُ بعصر الماديات فإن حالتنا تستدعي الندب والبكاء. ولعلّ تلك الدموع تغسل شرورنا وتطهّر آثامنا. . . لقد تعب فلاسفة الأخلاق فكتبوا المقالات , وألَّفوا الكتب وألفوا الخُطَبَ ضمنوها نصحاً خالصاً وحضّاً على الكمال , ولكني أرى أنها لا تؤثر إلاَّ في من كانت نفسه في استعداد لقبولها. فإن من فسدت أخلاقه ومات ضميره تعذَّر علينا إرجاعه إلى السبيل المستقيم بكلمات عذبة رقيقة. ولله در سليمان الحكيم حيث قال إن من يوبخ مستهزئاً يكسب لنفسه هواناً؛ ومن ينذر شريراً يكسب عيباً. ومثل هؤلاء قد اجتمعت فيهمم الصفتان وانبعثت فيهم روح الاستهزاء , وامتزجت في