حتى أنهُ ليستفيد منك الشيء الجديد ويصبهُ في قالب المعلوم المختمر فيه ويوهمك أنهُ معروفٌ له منذ زمان طويل. وجمال الدين لم يكتب في ما أعلم شيئاً وإنما كان يلقي على آخرين مقالات ضافية تنشر في جريدة مصر تحت أسمائهم. ولولا الشيخ محمد عبده يده الكاتبة لما كان لصوته صدى ولبقيت تعاليمه في صدور أكثر الذين تلقوها عنه وماتت معهم إذ كانت كل تعاليمه حديثاً يلقيه بحسب مقتضى الحال. فهو فيلسوف من الفلاسفة المشائين أو بالجري الرواقيين ورواقه كان رواق القهوة التي بجنب قهوة البورصة القديمة المتقدم ذكرها. ولعلَّ تلاميذه لا ينسون في مستقبل الأيام إن يحيوا ذكره بينهم في ذلك المكان. وقبل جريدة مصر كانت شهرة جمال الدين مقتصرة على الأخصاء وأعماله محصورة في دائرة مريديه وأما جريدة مصر فكانت سبباً كبيراً لإذاعة صيته ونشره في الآفاق. ولما عرَّفت أديب بجمال الدين كانت معرفتي بهذا الأخير حديثة العهد. فقد كنتُ أسمع بهِ وأنا في الإسكندرية فلما أتيتُ إلى مصر وددتُ أن أتعرَّف بهِ. وكان يتردد كثيراً على بيت حنا عيد قنصل دولة البلجيك. فلما أبديت رغبتي هذه لعيد المذكور ضرب لي موعداً للاجتماع به عنده في إحدى السهرات. ولما تعارفنا أخذنا ننتقل من حديث إلى حديث إلى أن ابتدرتهُ بالسؤال الآتي ولم يكن سبق لي كتابة أو تصريح في
هذا الموضوع بعد. قلت: ما قول سيدي الشيخ لفظة الأستاذ