الفصل الذي يقع فيهِ فصل شتاء , فنحن في ما سوى ذلك من الفصول الثلاثة نستعد أغلب مسراتنا من محاسن الطبيعة - من نضارة الربيع وجمال الصيف وجلال الخريف حيث كلٌّ من اخضرار المروج وتغريد الطيور وسكينة الطبيعة تستفزُّ منا كوامن السرور , وتفتح في قلوبنا ينابيع منهُ , أما فصل الشتاء حيث الطبية ملتحفة بأكفانها البيضاء , مستسلمة إلى سبات الموت إلى يوم تبعث في الربيع , حيث قد تقلصت الأيام وتمددت الليالي , وأكمدَّت أنوار الغزالة ونضبت عيون السرور منا نشعر بحاجتنا إلى الاجتماعات ونميل إلى المعاشرة لنولّد من نفوسنا سروراً لنفوسنا , فتصبوا القلوب إلى القلوب وتشترك العواطف مع العواطف لمباثَّة الإحساسات الرقيقة وتمتزج الأرواح بالأرواح ويتعهدها سيّال الحب فتتمّ الألفة وتتركب عناصر السعادة المشتركة , كما تتألف العناصر الطبيعية وتساعد حرارة نار الشتاء مع تمديد الصدور المنقبضة وإضاءة الثغور ببرق الابتسام وصقل غضون الجباه بمكواة الانشراح , ثم يستهوي الكرم الجميع فيفتح كلٌّ منزله للضيوف , وصدره للأحباب. بين هتاف الجذلين , وضوضاء
المغتبطين , وحفيف أرواح الحب , أيُّ فؤادٍ لا يجب جموداً , وأي صدرِ لا تنفتح أريحيته؟ أجل ليس فصل الشتاء الوقت الملائم لإيقاظ العواطف السامية وإضرام نار القرى في البيوت فقط , بل لإِشغال جذوة الإحسان في القلوب أيضاً. أنا وإن كنت نائياً عن موطن آبائي , غريباً في هذه الأصقاع , لا يضمني منزل والد آوي فيهِ إلى ناره. ولا تصافحني كفُّ قريب , أو