أضعاف أضعاف ما يصرفونه على طرابيشهم. بل منهم من يضع في جيبه قطعةً من الصوف وأحياناً علبة ورنيش ينظف بها من حين إلى ولو بين آخر - إخوانه وأصدقائه - حذاءه الضيّق اللماع. ثم إن الرأس ولقدم في درجة من الأهمية واحدة سواء في ما ورد عنهما في الكتب المنزلة أو أقوال أساطين الحكمة والشعر والفلسفة. وكما يبدي المرء استحسانه أو استقباحه لشيء ما برأسه فإنهِ يبديهما أيضاً بقدميه. وربما كانت حركات القدمين أفعل في النفوس والعيون. وقد ذكَّرتني المسألة بأمر ذي شأن خطير. فقد كنت قبلاً تمتلئ عيناي بهجة وحبوراً بمشاهدة الحسان وقد كللنَ رؤوسهنَّ بأفخر صنوف البرانيط. أما الآن فإنني أفضل النظر إلى أقدامهنَّ وحركاتها وسكناتها على التطلع إلى رؤوسهنَّ سواء كانت عارية أو مغطاة لتأكدي أن شعور أغلبهنَّ عيرة. فتلك الجدائل والضفائر والحلقات المصقولة والمنحنيات المجعدة بل كل ما تراه من الشبكات والعقصات مشترًى من السوق وتختفي تحته قطع من اللبَّاد يغمض الكثيرون عيونهم عند ما يلمحونها على طاولة التوالَيتْ. ومهما اجتهد امرؤ في تزيين قدميه والعناية بحذائه فإن عمله لا يؤثر في غيره تأثير قلنسوات الشعور وشعور
قضاة الانكليز في بلادهم بعقول السذّج وعامة الشعب. وأضفت إلى هذا كله أنهُ لولا الأقدام ومساعيها الخيرية لما كانت الرؤوس وفائدتها الأدبية. فالعناية بالإقدام طيبّاً وذوقيّاً وأبيا أسٌّ لحماية