حتى وضعتها بين يدي بوانكاره إنما هي النموذج الأول لما سيصير إليه حكم الأمم في المستقبل البعيد. إن شعبناً استطاع أن يكون في يومهِ , مثال جميع الشعوب في غدها , لهو الشعب الذي يجب على العالم أن ينحني أمامه باحترام.
في السابع عشر من شهر يناير ك٢ الماضي انعقد المجلس الوطني الفرنساوي في قصر فرسايل على مقربةٍ من باريس , وانتخب مسيو رَيمون بوانكاره رئيس مجلس النظار وناظر الخارجية , رئيساً للجمهورية بدلاً من مسيو ارمان فاليير الرئيس الحالي الذي تنقضي رئاسته في السابع عشر من هذا الشهر.
دستور سنة ١٨٤٨ - كان الدستور الفرنساوي الذي سُنَّ في سنة ١٨٤٨ يقضي بانتخاب رئيس الجمهورية انتخاباً شعبياًّ محضاً؛ أي أنه كان لكل فرنساوي لم يفقد صفته السياسية , حق الاشتراك في ذلك الانتخاب. غير أن هذا الشكل الدستوري كان خطراً محيقاً بكيان الجمهورية؛ فأن الرئيس الذي تجمع الأمة على ترئيسه , أو ترئُسهُ عليها بأغلبية آرائها , يتأيد بقوة ذلك الإجماع , أو بدعامة تلك الأغلبية على الأقل , تأييداً إذا عزَّزه الطمع , دفعهُ إلى قلب الحكومة من شكل إلى شكل , والاستئثار بها لنفسه , كما فعل في سنة ١٨٥١ لويس نابوليون المعروف بنابوليون الثالث. لذلك قام رجال الجمهورية على قانون سنة ١٨٤٨ وأبدلوه بآخر جعلوا فيهِ الرئيس منتَخَب منتخَبي الأمة: نوَّابها وشيوخها.