للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العيش لهؤلاء المستأكلين والمتكسبين من السوقة والمرتزقة لا على جهة ما تحتاج إليه الحرفة من نفاق السوق , وتحرّك اصناعة , وتوفير الغلّة مما تزكوه به الثروة ويستطيل النَّماء , وتتصل أسباب الفائدة , وكن على جهة الحاجة اللازمة في كل حرفة إلى الأدوات والآلات , وإلى التمرّس بالأسباب والوجوه ثم إلى نزعه اللؤم التي البدّ منها في كثير من أهل الحرف والصناعات عندما يعرض من اهتضام الحق وبخس المماكسة؛ وعند تقليب النظر في أحوال الحرفاء وما أفاء الله عليهم من خير وبسط لهم من سعة؛ وعند اهتمام القلب بكساد إن وقع في الحرفة , وقوتٍ عن فات من الربح , وضعف إن أخذ في أطراف العمل , وصداع إن ضرب في رأس المال؛ وعند نصب البدن واستفراغ الدَّرع وترميق الصبر؛ فهذا كله وما يكون من بابه ويتصل بأسبابه رأيناه بكثير من أهل الأدب الذين اتخذوا من الأدب حرفة يُعرفون بها دون أن تعرف بهم , وذهبوا يتجرون في أخلاقهم على الناس , ولعل أحدهم أن يكون اسبوا من

الحمق , واذمّ من الحسد , وأقبح من الجهل؛ ثم لعله أن يكون مع ذلك أضعف مَن أنت واجد ممن يدَّعي الفهم , ويتنبل بالعلم ويتنفق بالأدب , ولكنه يمضي ممدوداً لع في غيّه , وينطلق منفّساً له في باطله , ولا يزال قد ملكه السرف ونزت به الضراوة , وبعث منه التسلط , حتى يأخذ في كل فنّ من الحمق , ويضرب في كل ناحية من السخف , زرايةً على هذا ونفاسة على ذلك وتربصاً بغيرهما. ثم هو في جماع ينزع إلى لؤم الحرفة ويتسكع في كل وجه من السفه منتحلاً ما شاء أن يتنحل

<<  <  ج: ص:  >  >>