لك بلا حياء أنهُ لا يفهم. عليك أن كون ذكيّاً بالوراثة منطقياً بالفطرة لتنتهي من هذه المقدمة المسلمة. . . إلى النتيجة الطبيعية. . . فتقطع بأن ما لا يفهمهُ هو بتةً إذ لا يوجد من يستبطن حقيقته في الجيل كله ما دام علم الهستولوجيا الأنسجة لا يقيم عليهِ البرهان بأن رأسه غير ذلك الرأس الذي نصبهُ الله في أرضهِ مقياساً للعقول. . .! وبعد فإن من لؤم هذه الحرمة أن ترى صاحبه ساقط الحرمة ذمر المرؤة , زريَّ
النفس بذيئاً متعهراً فحَّاشاً في هجائه أستغفر لله بل في انتقاده. . . يضع لسانه حيث شاءَ من عرض أو خلُق أو صيغة لا يبالي في كل ذلك أن يكون صدق وبرَّ أو كذب وفجرَ , بل همهُ أن يكون قد أوجع وأمضَّ , وطبَّق المفصل الذي يحزُّ فيهِ لا ينكر من ذلك على نفسهِ نكيراً ولا يغير منهُ تغييراً. ولا بدع فإني رأيت أن أحداً من الناس لا يخلو من الفضيلة إلاَّ كان فيهِ ما يعتدُّه في رأي نفسهِ فضيلة وأن فضيلة اللئيم التي يراها أن لا يخله لؤمه دون الاستطالة والتمكن؛ فلو كذب وعقَّ وكفر النعمة , وغمط الحق , وجاءَ بكل مخزية ومندية , ثم كان له أن يستطيل ويغلب , لقام ذلك عنده مقام الصدق والمبرة والشكر والإِقرار والإحسان , لكان عند نفسهِ أفضل أهل الفضائل جميعاً؛ فهو لذلك لا يتورَّع عن قول بذيء ولا يتنزه عن فعل دنيء ولا يأبى أن يكون أسخف الناس عند الناس إذا كان من نفسهِ ما عرفت. والغرور نعوذ بالله فهو ألأم اللؤم في محترفي الأدب خاصة قلما يؤتى أحدهم إلاَّ من جهته , ولا يعرض له لشيطان إلاّ من قبله؛ وأنه