كان معي ولفت نظري إليهِ ما صدَّقت أنني واقف أمام قصر من أعظم قصور الانجليز. بني هذا القصر في عهد الملك هنري الثامن الذي اتخذه مسكناً له. إلا أن ملوك انجلترا الذين جاءوا بعده لم يتخذوه مقرّاً خاصّاً حتى عهد الملك وليم الثالث. ويظهر أنه لم يبقَ اليوم من بنائه الأصلي إلا آثار قليلة , فإن ناراً هائلة التهمت معظمه في سنة ١٨٠٩ , فدمرت جناحه الشرقي. ثم أُعيد بناؤه بالنسق الذي هو عليهِ اليوم. أما الدخول إليه فيقتضي طلب إذن خاص إلا في بعض المواسم التي يعرض فيها الجيش في فناء القصر إذ يستطيع الزائرون الدخول إلى الباحة الكبرى ليشاهدوا حفلة العرض. ولهذا القصر تاريخ يترنح له الانجليز لذكراه. فإن اسمه مقرونٌ عندهم بذكر ملوك وملكات وساسة وعظماء تركوا بعدهم ذكراً مجيداً. فهو القصر الذي سكنه الملك هنري الثامن وادورد السادس والملكة اليصابات. وإليه لجأت الملكة ماري عند غياب زوجها , وأقامت به حتى وفاتها. وكان هذا القصر مقرّ الملك شارلس في أهنأ أيام ملكه , وفيه ولد معظم أولاده. ولما حُكمِ عليه بالموت صلّى صلاته الأخيرة في البيعة التي في داخله , ثم خرج منها واجتز في حديقتهِ محاطاً بثلةٍ من الجند الذين اقتادوه إلى المشنقة كما هو معروف عند دارسي التاريخ. وقد ودَّعهُ أولاده في
ذلك اليوم وداعاً اتخذه كثيرون من الرسَّامين موضوعاً تفنَّنوا بهِ وأبدعوا ما شاءَ لهم الفنَ. وكان القائد مونك الشهير