طاف , فلم ير خط التراموى ولا أوتوبيلاً ولا تلفوناً ولا نوراً كهربائياً , وإن رأى شيئاً من ذلك عرضاً لم يسأل عنهُ ولم يتعجب منه , ذلك أما أن يكون لضعف في التأليف وأما لغرض في نفس المؤلف لكي لا يسوقه الكلام في ذلك إلى مدح مدنيتنا التي قد لا تروقه. وسمع عيسى بن هشام ما سمع ورأى ما رأى وطاف ما طاف , في منام واحد لم يستيقظ منهُ لحظة واحدة لا فزعاً من الدفين الخارج من القبر , ولا على صياح الباعة وضوضاء المدينة , ولا من شيء آخر. وكنت قد أمَّلت أن المؤلف سيوقظه في آخر بعد ٤٤٧ صفحة فخاب ما أمَّلت وأظنه لا يزال نائماً إلى اليوم. لا بل ذكر المؤلف أن عيسى بن هشام رأى في المنام أنهُ دخل إلى غرفتهِ ونام صفحة ٤٤٣. تالله لم يبق
للتعجب موضع.
لو أردت أن أتتبع المؤلف في كل خطواته لاضطررت إلى إنشاء كتاب أضخم من كتابه انتقاداً ليه وأني ما اعتدت الكتابة إلاّ قليلاً فأحجمت عن ارتكاب خطأ وقع هو فيه. ولكني لا أختم هذه المقالة قبل أن أذكر للقراء شيئاً من حسن ذوق المؤلف في التأليف , واختياره البرهان الصحيح على ما يقدمه من المقدمات. قال: كان محمد علي باشا الكبير معجزة دهره وآية عصره في الدهاء وعلوّ وبعد النظر. . . . وإني أعرف قصة في حسن