للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمال الطبيعة؛ أكانت الطبيعة تنقطع إلى شهوده , فتجدهُ مظهراً من مظاهرها الجميلة , وتكاشفهُ , فتفيض أسرارها الغامضة على لسانه؟ بلى! وأنهُ لسانٌ ناطق للطبيعة , فقد كان مرأى الأزهار يؤثر فيهِ , وخطرانُ

الغصون الميس يعبث بلبّه , فيحملهُ على أن يقول:

يا بانة الجزعِ , لا والنازلين بهِ , ... ما كنتِ عارفةً لولاهمُ الهيفا

ويقول:

مالتْ فقلتُ لها يا بانةُ اعتدلي ... وإن جُبلت على التعطافِ والميَلِ

ويقول:

وذكرت في ذي البان ميسَ قدودِهم=فطفقتُ من شغفٍ أضمّ غصونَهُ

ويظهر من لهجتهِ في شعره , إنهُ كان شديد التمسك بمبدإهِ الحب تمسكاً يمثّل له أن الهلاك والحيرة منجاة وهدًى فيهِ , وإن طغيانه عليهِ عدل وإنصاف تلزم معهما الطاعة. فتراه يقول:

منَح الصبابةَ أضلُعاً وفؤادا ... وعصتُهُ سلوة مُقصرٍ فتمادى

وطغى عليهِ الحبُّ وهو أميرهُ ... فأطاعَ جامح قلبه وانقادا

وربما أصيب , كدأب الحائرين من هذه الطائفة المعذبة , بمن لا عاطفة , بل لا قلب له , فيطعن في سلوكهِ , فيضطران أن يواجه هؤلاء بمثل قوله:

يا عاذِليَّ في الهوى تورَّعوا ... واطَّرِحوا نفسي ومَن تيَّمها

قالوا الغرام مهلكٌ قلتُ لهم ... ما عيشتي إن لم أكن مغرمَهَا

وقوله:

يا لائميَّ ليومَ في حُبّهِ ... مهلاً فما شانكما شأني

<<  <  ج: ص:  >  >>