النار أو أبعادها عمهُ. ولذلك ظلّ قاعداً على عرشهِ حتى أثرت بهِ النار تأثيراً أحرق وجههُ , وكان سبباً لوفاتهِ بعد بضعة أيام. أما الملكة فكتوريا الانكليزية فقد كانت أعقل من ملك اسبانيا من هذا القبيل؛ فإن في عملها والكلمات التي فاهت بها في الحال التي سنبينها , انتقاداً مرّاً لتلك الرسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان. كانت الملكة فكتوريا ذات ليلةٍ جالسة في ردهة من ردهات قصرها وقد التفَّت حولها عصابة من الأمراء والأميرات وكبار رجال المملكة. فجعل المصباح يدخّن. فنهضت الملكة وخفضت الذبالة. وكان من وراء عملها هذا
دهشٌ شديد استولى على الحاضرين. فصاحت إحدى سيدات الشرف: أو مثل جلالتك تتنازل بذاتها. . . فأجابتها الملكة: نعم فلو إني قلت أن القنديل يدخّن , لكانت سيدة من سيدات الشرف قالت للحاجب: ألا ترى يا حضرة السيد أن قنديل الملكة يدخّن؟ وحينئذٍ كان هذا الأخير ينادي خادماً لإصلاحهِ. ولا يخفي أن هذا الأمر يستغرق وقتاً من الزمان يمكن أن يلتهب القنديل في خلاله. ولذا قد آثرت تولّي إصلاحه بذاتي. . . وقد انتسخت الرسميات أو كادت في عصرنا نت قصور الملوك في بلدان أوروبا الشمالية. ففي كوبنها أو ستوكهولم أو كريستيانا لا يتعجب أحد من رؤيتهِ الملك يتنزه وحدهُ في الشوارع حاملاً عصاه بيده , أو يركب الترامواي كأنهُ من سوقة الناس. وأما الرسميات في بلدان أوروبا الجنوبية فإنها لا تزال مرعية كما كانت في الماضي. وهي تعتبر إرثاً اتصل بالشعوب اللاتينية من بيزنطة. وعندنا أن أفضل شيء هو ما جرى عليهِ القوم في أوروبا الشمالية من البساطة في المعيشة. والتحرر من قيود الرسميات الثقيل. ورحم الله مرمونتل القائل فلنهزأ بالرسميات , وبالتربة التي أنبتها.