كم خميسٍ لَجَبٍ صادَمها , وكم ملكٍ همام زحف عليها. لا هيَ ناسيةٌ وقائع قسطنطين وليسينيوس , ولا مجازرَ الغوط وقومِ. الإمبراطور فالانس مَلِكان تلاقيا أمامها وتَناجزا على مرأًى منها طمعاً فيها. فلمَّا تغلَّبَ قسطنطين فتحت لهُ صدرَها , ومدَّت إليهِ ذراعيَها. وشعبانِ تطاحنا عندها رغبةً في حيازتها , فلما قهر الغوط فالانس نبذت هذا , وأباحت حماها لقاهريه. هي تحبُّ الغالب , وتزدري المغلوب! ثم حاضَرَها البلغار , ورموها بالحجارة والنار , فدفعتهم بمنعتها وردَّتهم عنها خاسرين؛ حتى إذا ضيَّقوا عليها الخناق , وأرهقوها بالجوع , تمكَّنوا منها , فدخلوها مهلّلين مكبّرين. مَن استطاع أخْذَها عنوةً فقد استطاع شبهَ المستحيل. هيَ سبيلُ الغربِ إلى الشرق: آوتِ الصليبيين في طريقهم إلى بيت المقدس , والطريق إليهِ يومئذٍ نار ودم , وجمعت في ذراها إمبراطور الروم , وفردريك بَربَروس , فتعاهدا تحت ظلِّها وتحالفا , وكانت لهما الشاهدَ العدل. ثم مشى بها الدهر أو ماشتهُ. لا صروفهُ هيّنة , ولا عزائمها واهنة. كما أنشبَ فيها ظفراً أنشبت فيهِ ناباً وظفراً. لاقت بهِ طاغية عتيَّا. ولاقى بها صبوراً حمَّالةً للخطوب. قوَّتان متكافئتان. هي الحلقة الأولى من سلسلة الفتوحات العثمانية في أوروبَّا. فتَحها