يغض طرفه عن عيب أخيه ولا يفاتحه بهِ مخافة أن يفاتحه بمثله. وأيّ الرجال المهذب وينبغي للعاقل أن يتعلم العقل من المجنون , والحلم من رأي السفيه , وحسن الأخلاق من سيئها , والعلم من الجاهل , والأدبَ من السافل , والدين من الكافر. وأن يأخذ الوفاء عن غدر اللئيم , والعبرة عن الدهر. واللبيب من اتعظ بغيره. وينبغي للعاقل تهذيب نفسه وتعويدها فعل الخير وكل ما ينفع الناس عامّة , ورفض ما يضرُّ بهم. وينبغي للعاقل أن يكون صادق اللهجة , حسن العشرة طلق المحيا في سرائه وضرائه. خفيف الطبع وقوراً وفيّاً , تصدق أقواله وأفعاله. وأن يكون أميناً محبَّا للفضل وأهله , منصفاً يتبع الحق حيث كان , ويطلبه حيث وُجد. وينبغي للعاقل أن يكون سليم القلب واسع الصدر سمحاً
صفوحاً , محبّاً للسلم مبغضاً للحرب لأن الحرب داء قتال , يفتك بالنفوس فتكاً ذريعاً. وأن لا ينبغي على أحد , لأن البغي شر والشر يورث الدماء , وأن لا يعادي أحداً , ولا يضمر سوءاً لأحد , لأن المرءَ قليل بنفسه كثير بأصحابه. وينبغي للعاقل أن لا يحتقر صغيراً لصغره , ولا يوقّر كبيراً لكبره , إذ المرء بأصغريه أو كما قال أبو الحسن علي: المرء مخبوءٌ تحت طيّ لسانه لا تحت طيلسانه. وان يأخذ الحكمة ولو نطق بها مجنون ويأخذ ما يوافق رأيه من قول غيره , ولا ينتقد ما يخالف رأيه منه كونه خالفه. فلكل فردٍ من البشر رأي والكمال لله وحده.