للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في سبيل الشرق

لم يبقَ لي إلاّ الشبابُ , وأنهُ ... ديباجةٌ ضمن الأسى أخلاقَها

نزلتْ بثهلانَ الهمومُ فلم يُطقْ ... حتى نزلنَ بكاهلي فأطاقها

وكرهتُها , ومن الغرائبِ أنني ... لشديدِ ألفتها كرهتُ فراقها

أشتاقُ أطّرحُ الهمومَ ويقتضي ... ظمأى على الآلام أن أشتاقها

ولربما عرف المحبُّون التي ... تجني الشقاء فأصبحوا عشَّاقها

شأن الفراشةِ واللهيبِ فإنها ... تغشاهُ وهو مسببٌ إحراقها

يشكو الصبابةَ كلّ يوم مُدَّعٍ ... وأحقُّنا دعوىً بها من ذاقها

لو نصفتْ تلك الحمامة لوعتي ... نضتِ الخضابَ ومزَّقت أطواقها

يا هذهِ , حتى الغصونُ لما بها ... نثرَتْ على وجه الثرى أوراقها

مثلَ التي لَزِمَ الخفوقُ جناحَها ... أصبحتُ مرتكضَ الحشا خفّاقها

داءٌ تحاماه الطبيبُ , وعلّةٌ ... طلب العليلُ فلم يجد أِفراقها

مرَّتْ بنا الأممُ الطليقةُ , وانثنتْ ... أخرى تُعالج أسرها ووثاقها

هذي الجياد , فمن تعاطي شأوَها ... يا شرقُ فيك ومن أراد سباقها؟

يا مشرقَ الشمسِ المنيرةِ , أنها ... وأبيكِ شمسك فارقت إشراقها

أما لياليكَ التي قد أقمرتْ ... فلقد طوت لكَ محوها ومحاقها

فاقت وبزَّتْ أمةٌ غربيَّةٌ ... من بزَّها في المشرقين وفاقها

وإذا أراد اللهُ رقدةَ أمَّةٍ ... حتى تضيعَ , أضاعها أخلاقها

ملّك الضلالُ زمامها , فإذا حبت ... أو أمسكت سببَ المعالي عاقها

رأت العدالةَ لا تروقُ لعينها ... فتلمَّستْ في الليل ظلماً راقها

عجلت على البلوى فساقت نفسها ... للموت , أو عجل البلاءُ فساقها

<<  <  ج: ص:  >  >>