قال حضرة الكاتب المفكّر أحمد لطفي بك السيد في فصل كتبه في الجريدة عن الكتاب الذي نحن بصدده أنهُ عاد فتحي باشا في منزله وقد أبلَّ من انزعاج ألمَّ بهِ فوجده في مكتبهِ بين أوراقهِ ومحابره مشتغلاً بوضع شرح للقانون المدني المصري , فسأله: أيهذا ترتاض يا سيدي الباشا؟ فقال: هذه رياضتي وأشار إلى كتاب سرّ تطوُّر امم. فرجلٌ هذه رياضتهُ وهو على ما يعرفهُ الناس في مركزٍ يشغل معظم وقتهِ ويستغرق عمله الجهد العظيم لجديرٌ باحترام الأمة التي يخدمها بأمانةٍ وعقلٍ ونشاط.
تاريخ الصحافة العربية - من الأعمال الشاقة على المؤرخ كتابة تاريخ صادق عن الصحافة العربية. وقد طالما بحث الباحثون في هذا الموضوع ولكنهم لم يفوهُ حقهُ , ولا محَّصوا أخباره , لكثرة ما اعترضهم من المصاعب فإن الصحف التي ظهرت في بدء النهضة الحالية قد أمست اليوم نسياً منسيّاً ومات أكثرها بموت أصحابها فلم تحفظها مكتبة , ولا أَّخرها أديب. لذلك حاول حضرة الوجيه الفاضل الفيكونت فيليب دي طرَّازي أن يكتب هذا التاريخ غير مكترث لتلك العقبات فنقَّب كثيراً وبحث مُجدّاً حتى توفَّق إلى معرفة ما فات غيره من الحقائق فوضع التاريخ المذكور وهو يحتوي على أخبار كل جريدة وكل مجلَّة عربية ظهرت في العالم حتى يومنا الحاضر , مع جملة حسنة من صوَر أصحابها
ومنشئيها وكتَّابها , وشفع ذلك كله ببيانات وافية عن حياة كل جريدة ونزعتها السياسية أو خطئها الأدبية فكان مؤلَّفه هذا أشبه بقاموس يُرجع إليهِ , ويستفاد بهِ. وبين أيدينا الآن الجزء الأول منهُ وهو يقع في ١٥٠ صفحة مطبوعة طبعاً جميلاً. فنثني على الكاتب أحسن الثناء ونتمنى أن يقدّر الأدباء عمله قدره فيكون لكتابه ما يستحقه من الرواج.