ووجهُ الربيع يزيد الجرأة على الفتنة. وإذ طال تعارُضْ الوجهين , وتقابُلُ النظرَين , جاءَت طمأنينةٌ تمسكُ الروح ساعة اضطرابها , فتألّقَ لها على الشفتين بارقٌ افترَّ عن مثل الدرّ المنظم؛ فذلك حيث يقول شاعر الجمال:
. . . . فابتسامةٌ. . . . . . . . . . . . . . . . .
ثم استمرَّ الغرامُ , وتراضي القلبان , وإذنَ كلٌّ لصاحبهِ بما أذن , فكانت حاجة إلى الإِعلان , فارتفعت يمينٌ كورَقة الآس , أُمرَّتْ على جبين كنفس الطفل , وإذا في الوجهةِ المقابلةِ رأسٌ ينخفضُ إجلالاً وخشوعاً وكذلك يضرع المطيعُ للمطَاع؛ فذلك حيث يقول شاعر الخيال:
. . . . . . . فسلامٌ. . . . . . . . . . . . . . .
ثم نما الهوى وارباهُ التراضي , فاشتاقت الأذانْ إلى مثل حظّ الأعين , ولا بدَّ لما يُسَرُّ من الإِعلان؛ فتَساجلَ الشكايةَ صريعاها , وقام اللسانان سفيرَين عن القلبين. هنالك حلاوةٌ تمازجُها المرارةُ , وراحةٌ يتخللها التعب , وللوجدِ بيانٌ لا تركّبهُ ألفاظٌ , ولا تؤديه عبارة فبهما فاض ماء النفسِ من الثغرين المتباعدَين؛ فذلك حيث يقول شاعر البيان:
. . . . . . . . . . فكلامٌ. . . . . . . .
ثم تعارضت في الروحين قوَّتان من السلب والإيجاب , وقعت شرارتهما على الحسّ فاضطرَم. غير أن الحكمة أطفأت ذاك الأُوار , والصبرُ في أوائل الصبابة يغلُبُ عليها ,
فتعالَجَ المحبَّانِ بالأمانيّ وما زالا يتواصيان بالرأي حتى غلبا عليه , فاستثار الشوق كمينَ النفسين , فاتفقتا