أقل ألفاً أو ألفين فإن السفير واحد في الكرامة سواء كان في لندن أو في غيرها من العواصم التي يُعرف فيها وكلاءُ الدول العظمى باسم السفراءِ وهي باريز وبطرسبرج وبرلين وفينا ورومية والأستانة وواشنطون وتوكيو وبكين. وأما الدول الثانية مثل اسبانيا والبلجيك وبقية هذه الممالك والجمهوريات فإن مندوبي الدول فيها يعدّون وكلاءَ سياسيين ورواتبهم تختلف ما بين ألف جنيه في السنة وسبعة آلاف وهو راتب وكيل الدولة الانكليزية في مصر ودريد وريودي جانيرو عاصمة جمهورية البرازيل. وليس يعدّ هذا الراتب كبيراً على السفير أو وكيل الدولة لأنهُ ينبغي لهُ أن يعيش عيشة الملوك وأن يحيي الليالي الراقصة ويؤلم الولائم ويكون في مقدمة أهل البذل والعطاء. وقد كان السفراء قبل هذه الأيام يأخذون معهم من بلادهم جيشاً جرَّاراً من العمَّال والصنَّاع والخدَمة والأطباء وسواهم حتى يكون كل ذي علاقة بقصر السفير من أهل بلادهِ وتعد سفارتهُ مملكة ثانية لملكهِ في عاصمة الدولة الأخرى ولكنهم قللوا من هذا الإسراف في الزمان الأخير. وما زالت السفارة في كل بلاد تعدّ جزءاً من أرض المملكة التي جاء منها السفير: فسفارة الروس في باريز قطعة من أرض روسيا تسري فيها الأحكام الروسية ولا سلطة لفرنسا وقانونها على من دخل أرض هذه السفارة وقس على هذا ما جرى مجراه. يذكرني ذلك بما كان من أمر ملك الانكليز وإمبراطور النمسا في إحدى السنين الماضية فإن الإمبراطور كان قد وعد بزيارة الملك في لندن قم رأى أنَّ الكبر أقعد همتهُ وصيَّر