للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السفراء وهم دهاة الأمم وجبابرة العقول يؤثرون الوصول إلى غايتهم بطرق اللطف والمجاملة فلا يصرّون على حق لهم يولد الجفاء أو يدعو إلى النفور. وقد بدأوا بإعطاء لسفير حقوق الملك من نحو ١٨٥سنة. وكان منشأ هذا الامتياز في لندن إذ حدث فيها أن بعض المتآمرين وأصحاب الدسائس قبضوا على سفير روسيا في لندن وخطفوهُ من وسط المدينة , وأودوا به لأسباب تتعلق بسياسته في داخلية روسيا. فكبر الأمر على حكومة الانكليز وأصدرت أمراً باعتبار سفراء الدول الكبيرة مثل ملك انكلترا في الامتيازات والحقوق حتى لا يبقى سبيل إلى الاعتداء عليهم كما حدث لسفير الروس. واجتمع بعد ذلك مؤتمر للدول في باريز رأى أعضاؤه أن انكلترا أصابت في منح هذه الامتيازات للسفراء , فأجمعوا على تعميم هذا المبدأ في جميع العواصم على السواء. وعلى هذا فإن السفير مثل الملك فوق القانون يمكنهُ أن يأتي ما شاءَ من المنكرات ولا حرج عليهِ ولا سلطة تقوى على رده؛ فكل ما يمكن فعله في هذه الحالة أن الدولة ترجو دولة السفير المذكور إقالته أو نقله من بلادها. ولكن هذا لا يحدث من السفراء وهم رجال الأدب الباهر واللطف المشهور والعقول الكبرى في كل زمان. كذلك عمَّال السفارات وأقاربهم يعدون من أصحاب الامتيازات لا سلطة للحكومة المحلية عليهم بقوة هذا الامتياز وقد تجري محاكمته داخل السفارة حسب قانون بلاده الأصلية. ولكن هذا لا يحدث أيضاً إلا فيما قلّ. وأكثر السفراء يتنازلون عن حق

<<  <  ج: ص:  >  >>