نستعِصمُ الأوطانُ خلف ظباتهِ ... وتعزُّ حول قناتهِ الأعلامُ
عثمان في بردَيه يمنع جيشهُ ... وابن الوليد على الحمى قوَّامُ
علم الزمان مكان شكري وانتهى ... شكر الزمان إليه والإِعظامُ
صبراً أدرْنهُ كل ملكٍ زائل ... يوماً ويبقى المالك العلاَّمُ
خفَتَ الأذانُ فما عليكِ موحّدٌ ... يسعى ولا الجُمَع الحسان تقامُ
وخبت مساجدُ كنَّ نوراً جامعاً ... تمشي إليهِ الأسد والآرامُ
يدرجنَ في حرم الصلاة قوانتاً ... بيضَ الإزار كأنهنَّ حمامُ
وعفَت قبور الفاتحين وفُضَّ عن ... حفرِ الخلائف جندل ورجامُ
نُبشت على قعساء عزَّتها كما ... نُبشت على استعلائها الأهرامُ
في ذمة التاريخ خمسةُ أشهر ... طالت عليكِ فكل يوم عامُ
السيف عار والوباءُ مسلطُ ... والسبل خوفٌ والثلوج ركامُ
والجوع فتَّاكٌ وفيكِ صحابةٌ ... لو لم يجوعوا في الجهاد لصاموا
ضنُّوا بعرضِكِ أن يباعَ ويُشتري ... عِرضُ الحرائر ليس فيهِ سوام
ضاق الحصارُ كأنما حلقاتهُ ... فلكٌ ومقذوفاتها أجرامُ
ورمى العدى ورميتِهم بجهنَّمٍ ... مما يصبُّ الله لا الأقوامُ
بعتِ العدوَّ بكل شبرٍ مهجةً ... وكذا يباع المُلك حين يرامُ
ما زال بينك في الحصار وبينهُ ... شمُّ الحصون ومثلهنَّ عظامُ
حتى حواكِ مقابراً وحويتهِ ... جثثاً فلا غبنٌ ولا استذمامُ