قتل أشهر قوَّاد عساكره برمنيون وفيلوتاس وصديقه كليتوس لأنهم أطالوا ألسنتهم تنقُّصاَ لأعمالهِ الممجدة. وهذه البغية وإضرابها كانت ضالّته المنشودة في جميع آماله وأعماله - وما أجيبه قصداً وما أعقمها غايةً , فهي أسفل غايات عظام الرجال , وأخس شيء في مطامعهم - وبين هو يلتمس لأخر مرة قسطاً من الراحة لجيشه , أملاً في استئناف زحفاته وحملاته مطبقاً بها الأرض من أقاصيها إلى أقاصيها , وقد تبسَّط ملاءَة بموارد الخير والترف والغبطة والهناء في أكتاف آسيا , داهمته المنيّة فقضى وهو على الأرجوان مفرطاً في تعاطي الخمور والمسكرات , منغمساً في المنكرات والملاهي والملاذ الدنوية. . . أجل إن الإسكندر قد بهر عقول كل الأجيال والشعوب ببسالتهِ وسطوته , ولكن لا حياة في هذه الدنيا أعقم وأشأم وأبلغ في الإسراف وقلة الحيطة والصلاح من حياته؛ فإنهُ لم يجاوز بالتمدن اليوناني إلى ما وراء أيونيا وهي قسم برّ الأناضول المشتمل على أزمير إلى حدود القسطنطينة وسوريَّة؛ وقد كنتا قبله على نحو من ذلك؛ فذهب مغادراً جيل اليونان والديار التي داسها بالفتوح في حالة الفوضى شاغبة شاغرة برجلها , حتى كأنهُ أعدَّها وجعلها بأطرافها عرضة لمستحوذة الرومان: وبالحق قد فضل الفيلسوف على هذه الأعمال الفارغة أعمالَ فيلبومن ذلك القائد الحكيم الذي توصل , مع عدم اشتهاره بمثل هذه الشهرة العظيمة , إلى أن أطال حياة بلاد اليونان واستقلالها مدة بضع سنوات.