وقال كليب لامرأته: أترين أن في العرب رجلاً مانعاً مني جاره. .؟
فقالت: لا أعلمه إلا أخي جساساً. . . فحدثها بالحديث. وكان بعد ذلك إذا أراد الخروج إلى الحي منعته وناشدته الله ألا يقطع رحمه، وكانت تنهى أخاها جساساً أن يسرح إبله.
وكان كليب ذا زهو شديد لما هو فيه من العز وانقياد القبائل له، حتى بلع من بغيه أنه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى، وإذا جلس لا يمر أحد بين يديه إجلالاً. ولا توقد نار مع ناره، ولم يكن تغلبي ولا بكري يجير رجلاً أو يحمي حمى إلا بأمره. وكان هو يجير على الدهر فلا تخفر ذمته. ويقول: وحش أرض كذا في جواري فلا يهاج. وكان يحمي الصيد فيقول: صيد ناحية كذا في جواري. . . فلا يصيب أحد منه شيئاً. وكان قد حمى حمىً لا يطأه إنسان ولا بهيمة، فدخل فيه يوماً فطارت قبرة من على بيضها فقال لها من أبيات:
لا ترهبي خوفاً ولا تستنكري ... قد ذهب الصياد عنك فابشري
خلا لك الجوف فبيضي واصفري ... فأنت جاري من صروف الحذر
واتفق أن كليباً بعد خلافه مع جساس خرج إلى الحمى فوجد الحذر القبرة قد وطئتها سراب
ناقة البسوس فكسرتها، فغضب وأمر غلامه أن: ارم ضرعها. . . فخرقه بسهم وقتل فصيلها. وولت سراب ولها عجيج حتى بركت بفناء صاحبها. فلما رأت البسوس ما أصاب الناقة، ضربت وجهها وانتزعت خمارها وصاحت: وا ذلاه. .!
فقال لها جساس: اسكتي. فلك بناقتك ناقة أعظم منها. فأبت أن