كتب المنفلوطي في نظراته فصلاً عن الكتاب في مصر. وحذا حليم دموس في هذه المجلة حذوه عن الكتاب في بر الشام. أصاب كلاهما في بعض أحكامهما، وأخطأ كلا الاثنين أيضاً في البعض الآخر. وهل في ذلك من شيء عجيب؟ بل يصح أن يكون ما عددته أنا صواباً قد عده غيري خطأ. وعليه فلست غاضباً على الكاتبين لأنهما لم يذكراني في عداد الكتاب، ولا لأنهما أساءا إلى الكتاب تطربني نفثاتهم أو أطربا كتاباً تقتلني سخافاتهم. إذا كان الكثيرون غضبوا لهذه الأسباب فلست أنا لها بغاضب ولكن الذي أنا لأجله مستاء ناقم هو هلع الكاتبين لقيامة من خطأهما في آرائهما. فأسرع هذا في سورية وذاك في مصر إلى
الاعتذار على صفحات الجرائد. ولقد أفقد هذا التنصل كل ما كنت أعتقد فيهما من الشجاعة في المجاهرة بمعتقدهم الأدبي. فإما أنمهما قالا رأيهما في حملة الأقلام عن اعتقاد تام. وليس لهما أن يؤديا حساباً عما كتبا، أو أنهما كتبا عن غير اعتقاد - وهذا ما لا أظنه - فكان الأجدر أن لا يكتبا. وهناك سبب آخر لاستيائي من هذين الأديبين وهو أنهما فتحا باباً هيهات أن نجد من يسده. فقام كل حامل قلم يبدي لنا رأيه في حملة الأقلام ولو كان الواحد من هؤلاء يأتينا بالشيء المقبول لقلنا: لا بأس من احتكاك الآراء. ولكن هذا يقول لك: الكاتب زيد كاتب بليغ لو كانت عبارته أمتن ومعانيه أجمل. . . وذاك يقول: الشاعر عمرو شاعر مجيد لو كان أسمى خيالاً وأحكم نظماً. . . وأنا أقول على هذا القياس: لو كنت صاحب مئة