حق اختيار الموضوع الذي يروقهم البحث فيه , ولقد سرنا هذا الاقتراح أيما سرور لأننا رأينا فيه استحسان العامة وجمهور القراء لغاية المجلة، بعد استحسان الخاصة وفئة الأدباء. وأيقنا بنجاح تلك الفكرة، وهي التوصل شيئاً فشيئاً إلى إحكام الرابطة الأدبية بين الأمصار العربية.
هذه هي الأسباب التي حملت إدارة هذه المجلة أيها القارئ العزيز على أن تتقدم إليك بهذا العدد الخاص المتوج باسم القطرين العزيزين، وهي على يقين تام من انه سيحل منك محل
الرضى والارتياح.
* * *
بقي علينا بعد ذلك تقرير كيفية طرق هذا الموضوع الواسع. إذ ما عسانا أن نقول عن مصر وسوريا. ومصر وسوريا مهد الحضارة والمدنية، والملعب الذي تمثلت عليه أكبر مشاهد تاريخ البشرية. بل إن فينيقيا وأرض الفراعنة هما محور التاريخ القديم، ودائرة قطبه. حولهما كان معترك الأمم. وفيهما كان ممر الشعوب في زحفها من الشرق إلى الغرب، أو من الغرب إلى الشرق. في هذين القطرين حدثت الحوادث المأثورة، وفي ربوعهما جرت الوقائع المشهورة. فكانا في أيام الحرب ساحة الهيجاء، وفي أيام السلم مجتمع العلماء. هذا من الوجهة التاريخية أما من الوجهة الجغرافية فإن ذينك القطرين قبل نقض برزخ السويس وبعد نقضه كانا الرابطة بين آسيا وأفريقيا، والطريق اللاحبة بين أوروبا والهند والعالم الجديد. أما الوجهة السياسية فقد ضربنا عنها صفحاً في بحثنا منذ البداية، لأن مجلتنا غريبة منذ نشأتها عن السياسيات.