للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندنا آلهة نصفها بشر ونصفها إنسان ومخلوقات رأسها إله وجسمها حيوان.

ولما لم تكفنا كل هذه الآلهة وهي الكون بأسره والوهم بجملته عبدنا الرذائل والأرواح، والشياطين والأشباح، وعقدنا محالفات مع أبالسة جهنم لنقوى بها على سلطة الإله الأحد والفرد الصمد.

فلماذا لا نعبدك أنت أيضاً أيها النيل السائر وسطنا بجلال يسحر العقول، وسر يدعو إلى الحيرة والذهول، الجاري أمامنا في منبسط الغبراء، كما تجري الآلهة في منبسط السماء والمجرة في عقيق الفضاء.

* * *

بيد أننا قد انتقلنا الآن من عبادة الأوثان، ووحدنا الآلهة والأديان وجعلنا إلهنا الأحد ديناراً، واتخذناه لديننا شعاراً، هذا النقد ذو الوجهين نظيرنا هو هو إلهنا ومعبودنا، نتبارى إلى مسجده، ونتجارى إلى معبده.

ولكن أليست مياهك أنت يا إله الخير والصلاح ومصدر الحياة والفلاح هيا لتي حولت نضرة مصر نضاراً، وتربتها تبراً؛ ألست أنت الذي خلق هذا الإله الذي تعبده أمم الأرض طراً وتعفر وجهها أمامه ليلاً ونهاراً، فأنت أنت إذاً إله الآلهة!

* * *

في قلبك أسرار مصر وفي أحشائك ألغاز كهنتها المنافقين، وسحرتها المشعوذين، وفيك

حديث ملوكها وغرائب أهرامها، وعجائب هياكلها، وفنون بنائها وضروب رسومها وسر موميائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>