التأنق فيه وأنزلت جدره كلها بفصوص من الذب المعروف بالفسيفساء وخلطت بها أنواع من الأصبغة الغريبة قد مثلت أشجاراً وفرعت أغصاناً منظومة بالفصوص ببدايع الصنعة الأنيقة المعجزة وصف كل واصف. فجاء يغشي العيون وميضاً وبصيصاً. وكان مبلغ النفقة فيه أحد عشر ألف دينار ومئتي ألف دينار.
ذرعه في الطول من الشرق إلى الغرب مئتا ألف خطوة وهما ثلاث مئة ذراع. وذرعه في السعة من القبلة إلى الشمال مئة خطوة وخمس وثلاثون خطوة وهي مئتا ذراع. فيكون تكسيره من المراجع الغربية أربعة وعشرين مرجعاً. وبلاطاته المتصلة بالقبلة ثلاث مستطيلة من الشرق إلى الغرب، سعة كل بلاطة منها ثماني عشرة خطوة، والخطوة ذراع ونصف. وقد قامت على ثمانية وستين عموداً منها أربع وخمسون سارية وثماني أرجل جصية تتخللها. واثنتان مرخمة ملصقة بالجدار الذي يلي الصحن وأربع أرجل مرخمة أبدع ترخيم مرصعة بفصوص من الرخام ملونة.
وأعظم ما في هذا الجامع المبارك قبة الرصاص المتصلة بالمحراب وهي عظيمة الاستدارة قد استقل بها هيكل عظيم هو غارب لها يتصل من المحراب إلى الصحن فإذا استقبلتها أبصرت منظراً رائعاً ومرأى هائلاً، يشبهه الناس بنسر طائر كأن القبة رأسه والغارب جؤجؤه، ونصف جدار البلاد على يمين والنصف الثاني على شمال جناحيه، وسعة هذا الغراب من جهة الصحن ثلاثون خطوة فهم يعرفون هذا الموضع من الجامع بالنسر لهذا التشبيه الواقع عليه. ومن أي جهة استقبلت البلد ترى القبة في الهواء