ممالكهم أن تضمها إلى مملكتها الجديدة وظلوا يراقبون حركاتها بعين الحذر وهم مترددون بين محاربتها وموالاتها إلى أن تبوأ أورليانوس العرش فحصر همه في إخضاعها. وسار بجيوشه إلى المشرق وقاتلها في عدة مواقع، أشهرها موقعتان في سهل إنطاكية وسهول
حمص استظهر فيها عليها، وبلغ إلى تدمر فحاصرها وأشار على ملكتها بالتسليم فأبت فشدد الحصار على المدينة وسلم أهلها سنة ٢٧٢. أما زنوبيا فركبت هجيناً تريد بلاد فارس فقبض عليها فرسان الرومانيين عند باب المدينة، وأخذها أورليانوس أسيرة إلى رومية وعاملها معاملة ملكة عظيمة الشأن مفاخراً بالنصر الذي أحرزه على أكبر ملكة كانت تهتز لها أعصاب الإمبراطورية الرومانية فأعد لها قصراً فخيماً في مدينة تيفولي بالقرب من رومية فقضت حياتها فيه تحف بها العظمة والجلال.
وقد أجمع المؤرخون على أنها كانت فتانة فائقة الجمال شديدة النزوع إلى الحروب والفتوحات، واشتهرت بحقها وسمو مداركها وشدة بأسا حتى جرت أوصافها مجرى الأمثال في الأعصر الخالية. وفي لبنان آثار عديدة منسوبة إلى زبيدة منها أقنية الماء الممتدة من نهر بيروت إلى المدينة ومن نهر إبراهيم إلى جبيل ومن نهر قديشا إلى كورة طرابلس.
ثم قام ديوكلتيانوس ويستنيانوس فحاولا إعادة تدمر إلى مجدها السالف فأخفق سعيهما: ومذ ضربها أورليانوس تلك الضربة النجلاء قضى على شهرتها وتاريخها قضاءً مبرماً فأخذت من ذلك الحين بالانحطاط إلى أن باتت أثراً بعد عين وغاصت في لجة عميقة من النسيان قروناً طوالاً كانت