البلاد تجد أطباء شيوخاً ومهندين هرمين تلقوا العلوم في مدارس مصر.
وبدت النهضة الأدبية في سورية منذ خمسين عاماً، فانتفعت بها مصر: فصحف البستاني ومجلاته وكتبه وقواميسه ودائرة معارفه، ومؤلفات الشدياق، وكتب اليازجي، وتصانيف فانديك، ومطبوعات اليسوعيين والأمريكان وتآليفهم كانت لسورية ومصر معاً. وهذه مجلات مصر وسورية وصحف كلتيهما كأنها مجلات الأخرى وصحفها. وهؤلاء كتاب مصر وسورية وعلماؤها كل واحد منهم كاتب كلا القطرين وعالمه.
تصعد الجبل في سورية أو تهبط الوادي، فتسمع المغنين يتغنون بقصيدة شوقي، أو منظومة حافظ، وتطوف الأرجاء هنا، فتسمع الأدباء يتحدثون بمؤلفات اليازجي أو الشرتوني أو البستاني، وتطالع المجلات وفصولها فلا تجد فرقاً بين كاتب مصري ومصنف سوري. وإذا تدرجت في البحث والتنقيب ونزلت إلى صميم الشعب وحياض العامة، رأيت التقاليد بالأغاني والأناشيد والرقص والعزف واللهو والحزن والمآكل والملابس والأفراح والمآتم والأثاث والفرش وتدبير المنزل نقل بعضها أو أكثرها أو كل جديد متقن منها من بر الشام إلى بر مصر، أو من بر مصر إلى بر الشام. فهما في اللغة والرقعة الجغرافية بلد واحد وإن لم تكونا في السياسة كذلك.
فإذا كانت الزهور قد أنشئت لزيادة التعارف بين أدباء القطرين وعلماء المصرين، فإنما هي قد رمت إلى غاية جلى وغرض نبيل، قد يكون أقل منافعه سرعان التعارف والترابط بين الأدباء، حتى يزداد الشعبان نفعاً، بها، بفضل لغتهما الواحدة.