قبيل المبالغة. فإن الجمعيات الخيرية قد صارت تدفع منذ مدة لدفن الموتى الفقراء أضعاف ما كانت تدفع من ذي قبل.
* * *
ماذا يفيد ما تدعوه تمدناً عصرياً إن لم يكن وراءه إلا رفاهية الأغنياء وبذخهم - وهم القليلون - وشقاء الفقراء وبؤسهم - وهم الكثيرون؟ وهل نعد تمدناً أو حضارة أو رقياً تلك الحركة الآئلة إلى هنا الأفراد وعناء المجموع؟
يتبادر إلى الذهن أن رواج المعاملات وكثرة المعامل وسهولة المواصلات التي تقرب بين شواسع الأقطار إلى غير ما جاد به العصر من الاكتشافات والاختراعات المسهلة أبواب الارتزاق لمما كان يجب أن يؤدي إلى محاربة الغلاء وزيادة الرخص وتوفير أسباب الهناء والسعادة في الطبقة الوسطى. فهل نحن حاصلون على ذلك؟ وهل كانت النتيجة كذلك في أطراف المعمور؟ قليلة هي البلدان التي فازت بهذه الأمنية. فإننا نرى على الغالب أن كل هذه الأمور الآنفة الذكر لم تجر إلا رفه ذوي اليسار وتنعم أصحاب الدرهم، بعد أن ساعدتهم على ابتزاز الأموال واحتكار ثروة العباد.
من أحسن محاسن الشرائع السهر على مصالح الأفراد والعمل على الذود عن حقوقهم ومرافقهم. وكل حكومة عاقلة عادلة تدرك واجباتها وتفهم أنها القيمة على الرعية. . . وما ألطف وأسمى ما كان يقول هنري الرابع ملك فرنسا: أود لو تمكن كل شعبي من أن يطبخ