العمل بل ناتجة عن الاعتصابات المتعددة فزاد ثمن الأشياء لزيادة أجور العمال وتنقيص ساعات العمل وقد رأينا مثلاً في السنة الماضية صعود أسعار الفحم مع أن مناجمه غنية متوفرة لأن إضراب الفعلة عن العمل شهوراً طويلة قد قلل المحصول.
وهناك أيضاً أسباب أدبية لها تأثير في الغلاء أكثر مما يظنه البعض. فإنه قد سادت في عصرنا روح المساواة والتماثيل في المعيشة. فابن هذه الأيام يجهد نفسه وكثيراً ما يبذل ماء وجهه ليجاري جاره في الأكل والشرب والملبس والمسكن وكل مظاهر الأبهة والفخفخة ولو كان بين ثروة هذا وذا بون شاسع.
وقد نزلت النساء إلى هذا الميدان فكان لهن النصيب الأوفر، وغني عن البيان ما يتأتى عن هذه المنافسة من غلاء الأسعار وزيادة النفقات.
أما ملافاة هذه الأسباب ومداواة هذا الداء فأمر منوط بالحكومات والأفراد: على الحكومات أن تسعى لإزالة السببين الأولين أعني الاقتصادي والسياسي وذلك برفع حماية التجارة شيئاً فشيئاً واستبدالها بحرية المبادلة المطلقة ثم بضمانة حرية العمل للعمال وسن القوانين لوقايتهم. . . وعلى لأفراد نبذ هذه الأضاليل والأوهام فليست المساواة الحقيقية قائمة على بعض مظاهر خارجية بل هي مبنية على مساواة الحقوق والواجبات. وعليهم أيضاً الرجوع إلى بعض البساطة القديمة ففيها هناء أكبر ورغد أكثر ونعيم أوفر. . .