أن الفرخ والحزن لا ينتجان عن إرادتنا بل عن تغييرات الجسد وعن تصور هذه التغييرات، وجب أن يكون الفرح علامة الكمال، والحزن علامة النقص، بل أن الفرح هو نفس الانتقال إلى كمال أكبر، والحزن هو نفس الانتقال إلى النقص، لأن العاطفة لا تفصل عن النفس بل هي النفس مكيفة بإحدى الكيفيات.
وترى النفس أحياناً تفهم، أو تظن أنها تفهم، سبب فرحها أو حزنها، وأحياناً تكتفي بالتأثر من الفرح والحزن تأثرها من شيء واقعي مع بعض الشعور بأن مصدرهما الجسد. وفي هذه الحالة يسمى الفرح سروراً إذا تناول كل مجموع الجسم، وملذة إذا تناول عضواً معيناً
في الجسم. ويسمى الحزن كآبة إذا تناول المجموع وألماً إذا تناول أحد الأعضاء.
وعندما نقرن الفرح بصورة كائن خارجي، نحاول أن نملك ونحفظ هذا الشيء المقرون بفرحنا، ونقول حينذاك إننا نحب هذا الشيء. . . فالحب إذن هو الفرح المقرون بصورة سبب خارجي، والبغض هو الحزن المقرون بصورة سبب آخر.
هذا وإن أفراحنا - كأحزاننا - مرتبطة بعضها ببعض بطرق متنوعة فإذا شعرت النفس بعاطفتين في آن واحد فلا يمكنها فيما بعد أن تشعر بواحدة دون الأخرى، وقد تكون الأشياء الأقل أهمية في نظرنا سبب فرحٍ أو حزنٍ وبالتالي موضوع رغبة. ويكفي لذلك أن تقرن هذه الأشياء في مخيلتنا بشيء كان لنا سبب فرح أو سبب حزن فمجرد تفكرنا في شيء في حالة فرحنا أو حزننا يكفي لحملنا على حب هذا الشيء