* الصحائف السود - ولي الدين يكن، كاتب بليغ وشاعر رقيق، يطير في العالم العلوي بجناحي الخيال والشعور، وينظم الابتسامات والدموع في سلك بيانه درراً أين منها الجواهر التي تزين النحور. عرف أبناء جنسه الترك مكانته من الأدب. وحلت نفثاته أحسن محل عند إخوانه العرب. حتى أحرزت شهرة بعيدة في عالم الكتابة. فلا يكاد يدبج مقالة أو يحبر قصيدة حتى تراها متناقلة في صحف سورية والعراق والمغرب وأمريكا. وقد عرفه قراء الزهور من فئة كبار الأدباء الموالين لمجلتهم. وإذا هم اليوم أقبلوا على الصحائف السود يجدون ولي الدين فيها غير الذي عرفوه منشداً مؤثراً أو متغزلاً مطرباً، وإن كان هو هو في بلاغته وتفننه في إيراد معانيه. فهو في هذه الصحائف التي وسمها بالسواد يئن بل يتألم مما يشاهد من الظلم والحيف والجهالة المخيمة على العقول، لكن في أنينه دوي التهديد، وفي شكواه رعد الوعيد، وفي ألمه قضاء على ما يتألم منه فكأنه المغلوب الغالب، والمقهور القاهر. وكأني به وقد ألبس صحائفه هذه ثوب الحداد يضحك من الأيام التي يعاركها وتعاركه. وإذا طلبنا إليه اليوم بعض صحائف بيضاء، نكون قد أعربنا عن رغبة العدد الكبير من القراء.