فلما بدت طلائع الصيف حملت منجلي وأخذت حبلي وذهبت إلى حقلي للحصاد، فكان موسمي مقبلاً. ورجعت الآن مثقلاً بأحمال كثيرة سأهدي إليك منها الشيء الكثير، منتظراً منك هدية حملتها لي من مصيفك. ومهما كانت الهدية فأنا أهنئك وأهنئ نفسي بسلامة العودة، وأقول لك كما كان يقول العرب عدنا والعود أحمد.
المقيدات
لما أخذت على نفسي كتابة هذا الباب من الزهور جعلت من مواد بر وغرامي ألا أتعرض لسيداتي بنات الجنس اللطيف. احتراماً لهن وخوفاً منهن. فإن غضب السماء والأرض والإنس والجن لأهون علي من غضبهن. ويسوءني وأيم الحق أن أقدم لهن لأول مرة أحادثهن أشواكاً بدلاً من باقة أزهار. ولكن على نفسها جنت براقش وأنا لست الملوم. . . تفننت يا سيدتي في أزيائك وبرزت لنا في كل فصل بل في كل شهر في زي جديد، ففتنت وسبيت وفتكت: فمن قبعة أشبه بحديقة لما عليها من أنواع الأزهار، إلى قبعة أشبه بغابة لما عليها من الأطيار، فقلنا: ذلك لك فأنت زهرة هذه الحياة العطرة وبلبلها الغرد. . . وأغرقت في تنويع ملبوسك لوناً وشكلاً، فرضينا بكل أنواع دلالك ومظاهر جمالك. ولكن كيف نرضى لك بزيك الأخير وقد قيدت مشيتك وضيقت خطوتك حتى أطلق على تابعات زيك الغريب اسم المقيدات فأصبحن يرسفن رسف المكيل بعد ما كن يكرجن كرج الحجل.