تحسن مركزهم في الهيئة الاجتماعية. وإن جماعة هذه عواطفهم واستعداداتهم يكونون في كل حين على أهبة التمرد، بسبب أو بلا سبب، تارة على رؤسائهم أصحاب العمل، وتارة على زعمائهم أنفسهم.
وعليه فيجب أن نحذر من إضعاف النقابات. وإذا تركنا الفوضى تتشرب إليها، فإننا نكون رفعنا راية اليأس وسرنا وراءها، لأن كل جماعة لا قائد لها لا يسعها إلا التخريب والتدمير.
فنحن نريد أن نرى نقابات العمال أقوى مما هي، لا أن نراها ضعيفة مضطربة كما يرغب البعض في ذلك. لأن قوتها أصبحت اليوم أكثر لزوماً من كل حين. وهي التي تجعل موازنة في المجتمع الإنساني، إذ تقف أمام قوة رأس المال التي باتت أكثر مقدرة وأقل
شفقة من الماضي.
وقد اتسعت الهوة الفاصلة بين مساهم الشركة الذي ينتظر بفروغ صبر توزيع حصص الأرباح، وبين العالم الذي يشتغل في هذه الشركة، فإن الاثنين يعيشان متباعدين وليس ما يقربهما. وهذا التباعد مضر بالطرفين. فيجب أن تعود العواطف الإنسانية صلة بين كليهما. فلا الدستور السياسي يحرر الشعب، ولا الامتيازات تساعده، ولا الأملاك تغنيه، إذا لم ترسخ في قلبه أخلاق الرجولة والثبات والاستقامة.
فلنسع إذن كلنا أغنياؤنا وفقراؤنا، أفرادنا وجماعاتنا لننشئ هيئة صناعية كبرى يمكننا أن نطالبها كلنا بحقوقنا ولكن نقوم أيضاً كلنا بواجباتنا نحوها. فتكون جمعية لا يعد العامل فيها حيواناً مأجوراً حتى ولا يداً عاملة بل عقلاً مفكراً وقلباً شاعراً.