دعوت إلى عيسى فضجت كنائس ... وهز لها عرش وماد سرير
وقال أناس إنه قول ملحد ... وقال أناس إنه لبشير
ولولا حطام رد عنك كيادهم ... لضقت به ذرعاً وساء مصير
ولكن حماك العلم والرأي والحجى ... ومال إذا جد النزال وفير
إذا زرت رهن المحبسين بحفرة ... بها الزهد ثاوٍ والذكاء ستير
وأبصرت أنس الزهد في وحشة البلى ... وشاهدت وجه الشيخ وهو منير
وأيقنت أن الدين لله وحده ... وإن قبور الزاهدين قصور
فقف ثم سلم واحتشم إن شيخنا ... مهيب على رغم الفناء وقور
وسائله عما غاب عنك فإنه ... عليم بأسرار الحياة بصير
يخبرك الأعمى وإن كنت مبصراً ... بما لم تخبر أحرف وسطور
كأني بسمع الغيب أسمع كلماً ... يجيب به استاذنا ويحير
يناديك أهلاً بالذي عاش عيشنا ... ومات ولم يدرج إليه غرور
قضيت حياة ملؤها البر والتقى ... فأنت بأجر المتقين جدير
وسموك فيهم فيلسوفاً وأمسكوا ... وما أنت إلا محسن ومجير
وما أنت إلا زاهد صاح صيحةً ... يرن صداها ساعة ويطير
سلوت عن الدنيا ولكنهم صبوا ... إليها بما تعطيهم وتمير
حياة الورى حرب وأنت تديرها ... سلاماً وأسباب الكفاح كثير
أبت سنة العمران إلا تناحراً ... وكدحاً ولو أن البقاء يسير
تحاول رفع الشر والشر واقع ... وتطلب محض الخير وهو عسير