للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حطمت فأصبح لا يسمع في تلك الأطلال سوى فحيح الأفاعي وزئير ملوك الغابات، ولا يرى حولها غير النخيل المحلقة في جوانبه العقبان.

فسألت السحابة: أأجهز على هذه البقايا؟. . فأجابها الصوت السماوي: إلى الأمام! إلى الأمام!.

فاندلع منها لسان ناري كان لاندلاعه دويُّ كقصف الرعود وقالت: إلى أين المساق؟.

هاهما مدينتان تناطح قصورهما الجو ويتخلل طرقها وساحاتها الحدائق فتعبث النسمات بأزهارها ورياحينها فيمتزج شذاها العطر بزفرات دنسة صادرة عن أجسام وطئ ذووها الفضيلة بقدم الرذيلة فقتلوها في نفوسهم قتلاً فاستسهلوا تضحية الطهارة للعار والعفاف للشهوات، فباتوا عرايا تحت تأثير هزات الحب، سكارى بخمرة الوصل، فيا أيتها المدينتان الجهنميتان المندفعتان في لجج الأهواء، الخالعتان عنهما أكليل الكمال، الدائبتان في إيجاد سافل المسرات إنكما وصمة المدن ومصدر دنس للأمم جمعاء.

ها نجمة الصبح قد أشرقت متلألئة في سماء مكفهرة الأفق، والمدينتان في سبات، إذ قد انقطعت ضوضاء القبلات وهمدت النفوس وانعكست أشعة القمر على أجسام منطرحة على الثرى وهي جامدة كالجثث لما حل بها من العياء، فأخذ الهواء من جوانب سادوم متجهاً نحو عاموره وللحين حجبت السحابة السوداء السماء، فقال لها القائل العلوي بصوت يصم الآذان. هنا! فانفجرت السحابة انفجاراً ذا دوي هائل، واندلعت

<<  <  ج: ص:  >  >>