موسى صلوات الله عليه لما خرج ببني إسرائيل من مصر لتمليكهم بيت المقدس كما وعد الله أباهم إسرائيل وأباه إسحق من قبله وأقاموا بأرض التيه. أمره الله باتخاذ قبةٍ من خشب السنط عين بالوحي مقدارها وصفتها وهيا كلها وتماثيلها، وأن يكون فيها التابوت ومائدة بصحافها ومنارةً بقناديلها وأن يضع مذبحاً للقربان. وصف ذلك كلهُ في التوراة أكمل وصفٍ، فصنع القبة ووضع فيها تابوت العهد. وهو التابوت الذي فيه الألواح المصنوعة عوضاً عن الألواح المنزلة بالكلمات العشر لما تكسرت ووضع المذبح عندها. وعهد الله إلى موسى بأن يكون هرون صاحب القربان. ونصبوا تلك القبة بين خيامهم في التيه يصلون إليها ويتقربون في المذبح أمامها ويتعرضون للوحي عندها. ولما ملكوا الشام وبقيت تلك القبة قبلتهم ووضعوها على الصخرة ببيت المقدس وأراد داود عليه السلام بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم لهُ ذلك. وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسى عليه السلام واتخذه عمده من الصفر وجعل به صرح الزجاج، وغشى أبوابهُ وحيطانهُ بالذهب، وصاغ هيا كلهُ وتماثيله وأوعيتهُ ومنارتهُ ومفتاحه من الذهب، وجعل في ظهره قبراً ليضع فيه تابوت العهد وهو التابوت الذي فيه الألواح وجاء به من صهيون بلد أبيه تحمله الأسباذ والكهونية (كذا في الأصل) حتى وضعه في القبر. ووُضعت القبة والأوعية والمذبح كل واحد حيث أعد له من المسجد وأقام كذلك مما شاء الله ثم خربهُ بختنصر بعد ثمانمائة سنة من بنائه وأحرق التوراة والعصا، وصاغ الهياكل ونثر الأحجار. ثم لما أعادهم ملوك الفرس بناه عزير نبي بني إسرائيل لعهده بإعانة بهمن ملك الفرس
الذي كانت الولاية لبني إسرائيل عليه من سبي بختنصر وحدَّ لهم في بنائه حدوداً دون بناء سليمان بن داود