لما كنت عازباً وقد مضى على ذلك زمن ليس باليسير كنت أحسبني لا أتزوج أبداً لدواع لا محل لذكرها أهمها اعتقادي بعدم مقدرتي على القيام بكل الواجبات التي تطلبها المرأة إلى أن علقت يوماً بفتاة فتانة.
ترددت على بيت أهلها وبعد المعاشرة عرفوا أميالي ولم يقصدوا منعي عن فتاتهم فأخبروني بأنها كما أحب:
عمرها ١٨ سنة، تتقن فن الطبخ، وتعرف أن تهيئ ألف شكل وشكل، غير مكترثة بالمودة، ولا تحب النظر إلى الأكبر منها وهي فوق ذلك تحب تدبير بيتها بنفسها ولا تتكل على الخادمات في شيء، فضلاً عن أنها تحب اللغة العربية لغة أهلها وهي تكاد تكون متعصبة لها.
وكان الهوى قد دب في الصدر وقضى على بقية كانت لا تزال تحبب إلي العزوبة فاستسلمنا للأقدار وعقد الزواج.
مضى شهر العسل وابتدأت المعيشة البيتية العادية، فماذا رأيت؟
علمت في أثناء الحديث أن عمرها ٢٤ سنة لا ١٨ وقالت معتذرة: لا تزعل. فنحن النساء نخصم دائماً ٣٠ بالمئة على الأقل من عمرنا.
فقلت: قيدنا الأولى يا سيدتي وبتنا ننتظر أخواتها.
أتيت يوماً إلى البيت فلم أجد الطعام جاهزاً فسألت عن السبب فقالت مولاتي: الخادمة
متمارضة وأنا لا أعرف من شغل المطبخ شيئاً. ففي بيت أهلي كان لكل عمله: لي الزينة والنزهات، وللطاهي الطبخ،