الحيدرية قبل وقوع طاعون بغداد الجارف الذي اجتاح المدينة سنة ١٢٤٧هـ - ١٨٣١ م. ثم انحصر بهم إفتاء الشافعية فقط. وجميع إجازات علماء العراق تنتهي إلى الحيدرية وتنتمي إليهم. بل وبعض إجازات بلاد الروم أيضاً أي آسية الصغرى تنتمي إلى أحمد بن حيدر صاحب المحاكمات الشهير.
وأما الذين ظعنوا إلى ديار ما وراء النهر فإنهم أصبحوا هناك أيضاً من امرائها العظام وفضلائها الكرام، بل نشأ منهم الدولة الصفوية في الديار الفارسية. واتصال هذه الدولة بالحيدرية يرتقي إلى الشيخ صدر الدين بن القطب الشيخ صفي الدين أبي الفتح إسحاق. وكان الصفوية على مذهب أجدادهم مذهب السنة والجماعة. ثم تشيعوا وأول من عدل عن سنة آبائه وزاغ عنها إسماعيل شاه الصفوري. وذلك أن واحداً من أصحاب هذا المذهب نفث في صدره أنه إذا تشيع هو وعساكره يقهر عدوه السني السلطان سليم خان ويورده
حياض الخاسرين الخاسئين. ففعل، إلا أن الواقع لم يحقق ما كان في النفس من الأمنية.
قال السيد إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري، وهو الذي أخذنا عنه معظم أنبائنا وأفاداتنا: إن الشيخ صفي الدين رأى في المنام أن قد خرج من يده اليمين نور امتد إلى عنان السماء. ومن يده اليسرى كلب فلما أفاق قصّ الرؤيا على أحد المعبرين. فأول النور بأنهُ سيكون له ولد يتناسل منه العلماء إلى انقراض الدنيا. وأما الكلب فإنهُ سيولد له ولد يتناسل منه أناس خوارج عن جادة الكتاب والسنة والجماعة. وقد