ويقبله عشراً ويجامله ويفسح له مكاناً بجانبه ويشرب نخبه!!!
يسمع الجالسون ذلك ويرونه ولا يجرأ أحدهم على صفه المغتاب الأثيم بل يسكت وهو بسكوته يساعد على انتشار الرذيلة.
يأخذك أحدهم على معزل ويقول لك أنه يريد أن يكلمك في أمر ذي شأن ولكنه سريّ جداً ويهمك الاطلاع عليه حتى إذا ما شوّقك إلى سماعه استحلفك بالطلاق أن لا تبوح به لأحد فإذا فعلت وحلفت قال لك أن فلاناً قال عنك كذا وكذا وكذا فتصبح في حيرة لا أنت بالقادر على مناقشة المغتاب الحساب لأنك مقيد بالحلف ولا أنت بالقادر على كظم غيظك فتبتلى بمرض في فكرك فتجن فتساق إلى السراية الصفراء ولا ادري على من يكون الذنب في جنونك - أعلى المغتاب أم الجالسين معه الذي تجردوا من الشجاعة الأدبية أم ذلك الذي بلّغَك فكسر قلبك.
تضيق نفسك ليلة فتذهب إلى محل التمثيل عسى أن يذهب بهمك فتجد المكان غاصاً بجمهور المتفرجين فينشرح صدرك وتظن أننا عرفنا أين نقضي سهراتنا حتى إذا بدأ التمثيل ووصل الممثل إلى قطعة محزنة مثل موت رومية على قبر حبيبته جولييت ثم موت جولييت ظهرت لك أخلاق القوم بكل مظهرها إذ ترى الجمع وقد اختبط - تسمع تصفيقاً حاداً وطلب استعادة تلك القطعة المحزنة ليس لأن الممثل أو الممثلة أجاد أو
أحسنت بل لظنهم أن تلك التأوهات التي مثلتها الممثلة أحسن تمثيل إنما هي خلاعة منها - ذلك لأنهم لم يفقهوا معنى لما سمعوا -