١ - توطئة - خذ بيدك أي كتاب أردت، وتصفح أية مجلة شئت، وطالع أية جريدة شاقتك، بشرط أن يكون موضوعها الكلام على نجد، ثم قل في نفسك بعد أن تكون قد فرغت من الوقوف على ما راقك: هل هذا الذي قرأته صحيح يا ترى؟ - أقول: هلم ننظر إذا كانت شروط الصحة متوفرة في هذا السؤال. إن الكاتب الذي حبر تلك الأقوال لا يخرج عن إحدى هاتين الحالتين: إما أن يكون غريباً عن بلاد نجد، وإما أن يكون من أهلها وسكانها. فإن كان دخيلاً في تلك الربوع، فلا غرو إنه لا يستطيع الوقوف على الحقيقة كما لو كان من أبناء تلك الديار نفسها، لأنه قد قيل: وصاحب البيت أدرى بالذي فيه. وكيف يمكن الأجنبي أن يعرف من الأمور إلا ما يشاهده وهل يشاهد غير ظواهرها؟ بل كيف يسوغ لأبناء الوطن أن يبوحوا بجميع أسرارهم لمن كان غريباً عنهم؟
أما إذا كان من صميم أهلها فهو أيضاً لا يخرج عن إحدى هاتين الحالتين: إما أن يكون أمياً من طبقة الناس السافلة، وإما أن يكون علياً أو عالماً، فلا تكاد تراه ينطق إلا بما له ويسكت إلا عما عليه خوفاً مما يتوهمه فضيحة لأبناء وطنه، أو خشية أن يندد به تنديد خائن لبلاده.
ومن ثم وجب أن يكون الكاتب عن هذه الديار وطنياً صادق الوطنية. أديباً فاضلاً من علية الناس وأشرافهم، عارفاً بما اختفى من تلك