وتصبت قلبه بآياتها. أنزلت تلك الآيات على قلوب كثيرين، وابتذلت أمامهم جمالها الفتان.
تلك السماء الصافية الأديم جوّادة تعطي، وكريمة لا تمنع، فالشاعر القدير من استفاد من عطائها، وأثرى بهباتها، واستنزل إلهامها، واستجلى بديعها، واقتبس من سحرها، واسترق من أسرارها. وعلى قدر هذه المواهب تكون مسؤولية الشاعر أمام نفسه، وأمام السماء التي أوحت إليه. لهذا أرى أن يسأل الأديب اللبناني عن كثير، ويطالب بمقدار وافر:
* * *
أمامي هذا الرسم ولي بصاحبه صلة مودة قديمة. إن رشيد بك نخلة معروف في لبنان لا يجهله مواطنوه. قد لا يعرفه بعضهم سياسياً حاذقاً ولكن جميعهم يعرفونه شاعراً مجيداً، وكاتباً بارعاً حلو الحديث أديب اللسان!.
ولد في الباروك إحدى قرى لبنان وحيداً لأبوين كريمين فنشأ كريم الأصل شريف التربية. لم يعرف المدرسة قط قبل أن كان يافعاً فلما أقام فيها بعض السنة ملّها وملته. ليس في فطرته ميل إلى التقيد ولا في خلقه غير حب الانفلات والحرية. كان في حداثته يقول الشعر العامي اللبناني ومنه تدرّج بفضل السليقة إلى الشعر الفصيح. أما قواعد العربية فاقتبسها من مطالعاته لدواوين الشعراء وكتب الأدباء فبات ينطبق عليه قول بعضهم.