للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأرى عرشاً بل عرشين قد تحطما وبددت الشعوب بقاياهما.

وأرى شعباً ينازل شعباً آخر غاطساً في الحديد. ضربات الأول ساحقة ولكن هو ذا قد سقط والدماء تسيل من جسمه العاري فهو قد طعن طعنة قاتلة.

بل إنه جرح ليس إلا، فإنه لا يزال يبدي حراكاً وقد أقبلت عليه عذراء طرحت عليه ثوباً أبيض وهي تبتسم له ابتسام الإشفاق ثم أخرجته من ساحة القتال وقد اصطبغت يداها بالدماء.

وأرى شعباً آخر ينازل متواصلة مجدداً قواه التي يفقدها في الجهاد توصلاً إلى بغيته التي

ينشدها.

وأرى شعباً ثالثاُ قد وطأته أقدام ستة من الملوك قد شهروا خناجرهم وهم يغمدونها في نحره كلما أبدى الحراك.

وأرى ساحة شاسعة قد أقيم فيها بنيان شاهق توارى بين الستائر السوداء.

وأرى الشرق يضطرب ناظراً مذهولاً إلى انهيار آثاره الشاهقة وتحول معابده الصوانية إلى رماد، باحثاً في طيات الوجود عن عظمة زاهرة يستعيض بها عظمة زالت، ومجد جديد يقام على أطلال مجد قد اندثر.

وأرى حسناء في الغرب حادة العينين عالية الجبين وضاحة الوجه ممسكة مرقماً لا تحركه أناملها مسطرة كلمة حتى تهتف لها الشعوب وتحييها الناشئات وتمجدها الأفئدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>