الأكواخ - حيث لم يكن هناك قصور - واستسلم القاطنون بها إلى مفزعات الأوهام والوساوس وتولتهم رجفة.
واستل الذين قالوا إننا ملوك سيوفهم وهاجموا الأكواخ.
فوقعت فظائع جمة داخل تلك الحصون القصبية وجرت الدموع ممزوجة بالدماء.
وصاح الرجال وجلين لقد عاد القتل فانتشر. وكان هذا غاية دفاعهم فإن الخوف قد قتل فيهم النفوس وأوهن السواعد.
وتخلوا عن أنفسهم يائسين فثقلت أيديهم بالأغلال التي جعلت منهم ومن نسائهم وبنيهم مجموعاً زج خليطاً في كهف أعده هم أولئك الذين قالوا أننا ملوك، فبات بنو الإنسان وهم كذلك كحيوانات في مربط.
ومزقت العاصفة طيات السحب وبددتها وقصف الرعد شديداً وسمعنا صوتاً أشد يقول: لقد انتصر الثعبان ولكنه انتصار لا يطول.
ولم يصل إلى آذاننا بعد ذلك سوى خليط أصوات مبهمة رامزة إلى الضحك والزفير والسب.
ففهمنا أن الشر سائد فبكينا بكاء مراً تلاه انتعاش في النفس بدا لأمل تولد، ألا وهو أن ذاك الشر الواقع إنما هو مقدمة للخير المقبل.
لاح لنا هذا كله كما وقع في حينه ولاح لنا ذاك الخير، فقل إذن أن الإنسانية ستتحرر فتنطلق من عقالها ويهوي أولئك الذين قالوا إننا ملوك إلى الكهف نفسه فيجدون الثعبان يتلظى.