كما فعل هوراس الروماني في الصناعة الشعرية وحذا حذوه بوالو الفرنساوي فإنه والحق يقال تلطف في تأدية القواعد وأودعها قالب القريض بصورة بديعة النزعة حتى جاء نظمه من باب الشعر.
الشعر إذن وضع ليمثل كل حسن سيان أدبي أو مادي، وكان من شأنه أن ينفذ إلى النفس فيحرك أوتارها مثل ذلك في وصف الخيال والجمال والصفاء والسناء والمكرمات وكل شيء تنبسط له النفس وتجد إليه كما في وصف مشاهد الكون الجميلة من رياض باسمة وبدور ساطعة وبقاع شاسعة وبحار واسعة.
وليس من خواص الشعر ولا من مواده سن الشرائع ونشر الحقائق وتدوين الوقائع والحوادث التاريخية.
ولربما التجئ في الشعر إلى استعارة ما لا يدخل في صناعته متى كان ذلك على سبيل التشبيه على شريطة أن يكون التشبيه واقعاً ومألوفاً كقول الطغرائي في لاميته:
لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل
فهذا القول وإن كان من قضايا علم الهيئة إلا أن فيه تشبيهاً يقرب المعنى ويكسبه طلاوة.
وبعد ما تقدم يمكنا النظر في الشعر من الوجهة المعنوية والودهة اللفظية وهذا ما نراه في مقال آت.