قال ابن عبد ربه: الهناء كله مقصور على الحليلة الصالحة والزوجة الموافقة. والبلاء كله موكول بالقرينة السوء التي لا تسكن النفس على عشرتها ولا تقر العين برؤيتها.
* * *
ذكروا أن هنداً ابنة عتبة بن ربيعة قالت لأبيها: يا أبنت إنك زوجتني من هذا الرجل ولم تؤامرني في نفسي. فعرض لي معه ما عرض فلا تزوجني من أحد حتى تعرض علي أمره وتبين لي خصاله.
فخطبها سهيل بن عمروا وأبو سفيان بن حرب فدخل عليها أبوها وهو يقول:
أتاك سهيل وابن حرب وفيهما ... رضاً لك يا هند الهنود ومقنع
وما منهما إلا يعاش بفضله ... وما منهما إلا يضر وينفع
وما منهما إلا كريم مرزأ ... وما منهما إلا أغر سميذع
فدونك فاختاري فأنت بصيرة ... ولا تخدعي إن المخادع يخدع
قالت: يا أبت والله ما أصنع بهذا شيئاً، ولكن فسر لي أمرهما وبين لي خصالهما حتى أختار لنفي أشدهما موافقة لي. فبدأ بذكر سهيل بن عمرو فقال: أما أحدهما ففي ثروة وسعة من العيش، أن تابعته تابعك وإن ملت عنه حط إليك تحكمين في أهله وماله. وأما الآخر فموسع عليه منظور إليه في الحسب والنسب والرأي الأريب مدره أرومته وعز عشيرته
شديد الغيرة كبير الطهرة لا ينام على ضعة ولا يرفع عصاه عن أهله.