كالمعادن والمعامل وما شاكل. فقامت بإصلاحات نعجز عن تعدادها الآن لضيق المقام. ومما نظرت فيه الحكومات أخيراً هو محاكمة الأحداث غير البالغين. فقد كانوا فيما مضى يعاملون كالرجال تماماً، إذ كانوا يحاكمون بموجب قانون واحد يشمل الكل على السواء.
فكنت ترى الأحداث مسوقين إلى السجن ليقضوا فيه أياماً وأسابيع وشهوراً كأكبر المجرمين.
ولم يكن السجن نصيبهم فقط بل كانوا يساقون إلى النطع فيعدمون كالآخرين. والتاريخ بدلنا بأجلى بيان على الأيام التي كانت رؤوس المجرمين تطير فيها عن أجساهم لجرائم لا نعدها اليوم ذنوباً تستوجب عقوبة الإعدام. فكنت ترى في إنكلترا مثلاً في القرن الماضي رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً معلقين على أخشاب إرهاباً للجانين وتسكيناً للحوادث والجرائم.
ولا نحتاج للإسهاب في موضوع القصاص والعقاب فما غرضنا الآن شرح فلسفة العقاب والثواب، بل جل ما نقصده هو إظهار عدم موافقة الحكم على الصغير كالكبير بمقتضى شريعة واحدة أو قانون واحد. وإليك حادثة حقيقية حدثت في أوائل القرن الماضي في بلاد الإنكليز مأخوذة عن كتاب (حوادث المحاكم ومجرياتها في إنكلترا) فمن القوانين التي سنت عام ١٨٣٠ قانون الإعدام لأي سرقة كانت خصوصاً سرقة المخازن، صغيراً كان السارق أو كبيراً. فالحادثة التي نحن بصددها تروي أن فتاة لا تتجاوز السابعة عشرة من عمرها قبض عليها في أحد مخازن الأقمشة الكتانية وهي تحاول السرقة وإذ كانت تخبئ القماش تحت ثوبها