وقال هشام بن عبد الملك لأخيه مسلمة: هل دخلك ذعر قط لحرب أو عدو؟ - قال: ما سلمت من ذعر نبهني إلى حيلة، ولم يغشني ذعر سلبني رأيي. - قال هشام: هذه والله البسالة.
وكان يزيد بن المهلب يتمثل كثيراً في الحرب بقول حصين بن الحمام:
تأخرت استبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وقال المهلب لبيته: عليكم بالمكيدة في الحرب، فإنها أبلغ من النجدة.
وسئل أهل التمرين بالحرب: أي المكايد فيها أحزم؟ - قال: إذكاء العيون، وإفشاء الغلبة، واستطلاع الأخبار، وإظهار السرور، وأمانة الفرق، والاحتراس من المكايد الباطنة من
غير استقصار لمستنصح ولا استناد لمستفش، وإشغال الناس عما هم فيه من الحرب بغيره.
وكان قتيبة بن مسلم يقول لأصحابه: إذا غزوتم فأطيلوا الأظفار وقصوا الشعر، والحظوا الناس شزراً وكلموهم رمزاً واطعنوهم وخزاً.
وكان أبو مسلم يقول لوقاده: أشعروا قلوبكم الجرأة، فإنها من أسباب الظفر. وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تعبث على الإقدام، والزموا الطاعة فإنها حصن المحارب.
وكانوا يتمادحون بالموت قطعاً، ويتهاجون بالموت على الفراش، ويقولون فيه: مات فلان حتف أنفه. ولما بلغ عبد الله بن الزبير مقتل أخيه قال: إن يقتل فقد قتل أبوه وأخوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفاً ولكن قطعاً بأطراف الرماح وموتاً تحت ظلال السيوف، ومن ذلك قول السموأل: وما مات منا سيد حتف أنفه.