للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ لَوْ تَلَفَتْ، فَفِي وُجُوبِ الْإِبْدَالِ طَرِيقَانِ. قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْمُعَيَّنُ وَإِنْ زَالَ الْمِلْكُ عَنْهُ، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، فَاشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ، فَتَلِفَتِ السِّلْعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ بَائِعِهَا، فَإِنْهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيَعُودُ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ، فَكَذَا هُنَا يَبْطُلُ التَّعْيِينُ، وَيَعُودُ مَا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا كَانَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: فِيهِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الْإِمَامُ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ، لِأَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ، فَهِيَ كَمَا لَوْ قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّةً.

الْخَامِسَةُ: إِذَا أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ، لَزِمَهُ الْقِيمَةُ، يَأْخُذُهَا الْمُضَحِّي، وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهَا مِثْلَهَا، اشْتَرَى دُونَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ إِعْتَاقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَقُتِلَ، فَإِنْهُ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا يُعْتِقُهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ هُنَا لَمْ يُزَلْ عَنْهُ وَمُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ هُوَ الْعَبْدُ، وَقَدْ هَلَكَ، وَمُسْتَحِقُّو الْأُضْحِيَةِ بَاقُونَ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِالْقِيمَةِ مَا يَصْلُحُ لِلْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ، فَفِي «الْحَاوِي» : أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُضَحِّي أَنْ يَضُمَّ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى الْقِيمَةِ مَا يَحْصُلُ بِهِ أُضْحِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا. وَمَنْ قَالَ بِهَذَا، يُمْكِنُ أَنْ يَطْرُدَهُ فِي اللَّفِّ. وَهَذَا الَّذِي فِي «الْحَاوِي» شَاذٌّ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. فَعَلَى هَذَا إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا شِقْصَ هَدْيٍ، أَوْ أُضْحِيَّةٍ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ وَالذَّبْحُ مَعَ الشَّرِيكِ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ، كَأَصْلِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ دَرَاهِمَ. فَعَلَى هَذَا أَطْلَقَ مُطْلِقُونَ: أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا. وَقَالَ الْإِمَامُ: يَصْرِفُهَا مَصْرِفَ الضَّحَايَا، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْهُ خَاتَمًا يَقْتَنِيهِ وَلَا يَبِيعُهُ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَوْجَهُ. وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ، بَلِ الْمُرَادُ: أَنْ لَا يَجِبَ شِقْصٌ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُ الدَّرَاهِمِ، وَقَدْ يَتَسَاهَلُ فِي ذِكْرِ الْمَصْرِفِ فِي مِثْلِ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>